إن أهم التهديدات البيئية هي الأخطار التي تهدد المياه فنصيب الفرد من المياه في العالم يتناقص بشكل كبير و هو لا يتجاوز في التسعينات ثلث ما كان عليه عام 1970 و ندره المياه تشكل تربة خصبة لنشوء الصراعات بين الدول أو حتى ضمن الدول و إضافة إلى ندرة المياه و تناقص نصيب الفرد من المياه هناك التلوث الذي يهدد المياه ففي عام 1990 كان هناك 1.3 مليار شخص في البلدان النامية يحصلون على مياه ملوثة و السبب الرئيسي في تلوث المياه في هذه البلدان هو سوء الصرف الصحي إلى جانب الملوثات الصناعية فهناك أكثر من ملياري شخص لا يحصلون على صرف صحي مأمون.
أول وأخطر مشكلة :
يعتبر تلوث الماء من أوائل الموضوعات التي اهتم بها العلماء والمختصون بمجال التلوث ، وليس من الغريب إذن ( أن يكون حجم الدراسات التي تناولت هذا الموضوع أكبر من حجم تلك التي تناولت باقي فروع التلوث .
ولعل السر في ذلك مرده إلى سببين :
الأول : أهمية الماء وضروريته ، فهو يدخل في كل العمليات البيولوجية والصناعية ، ولا يمكن لأي كائن حي –مهما كان شكله أو نوعه أو حجمه – أن يعيش بدونه ، فالكائنات الحية تحتاج إليه لكي تعيش ، والنباتات هي الأخرى تحتاج إليه لكي تنمو ، ( وقد أثبت علم الخلية أن الماء هو المكون الهام في تركيب مادة الخلية ، وهو وحدة البناء في كل كائن حي نباتً كان أم حيواناً ، وأثبت علم الكيمياء الحيوية أن الماء لازم لحدوث جميع التفاعلات والتحولات التي تتم داخل أجسام الأحياء فهو إما وسط أو عامل مساعد أو داخل في التفاعل أو ناتج عنه ، وأثبت علم وظائف الأعضاء أن الماء ضروري لقيام كل عضو بوظائفه التي بدونها لا تتوفر له مظاهر الحياة ومقوماتها ) .
إن ذلك كله يتساوى مع الاية الكريمة التي تعلن بصراحة عن إبداع الخالق جل وعلا في جعل الماء ضرورياً لكل كائن حي ، قال
الثاني : أن الماء يشغل أكبر حيز في الغلاف الحيوي ، وهو أكثر مادة منفردة موجودة به ، إذ تبلغ مسحة المسطح المائي حوالي 70.8% من مساحة الكرة الارضية ، مما دفع بعض العلماء إلى أن يطلقوا اسم ( الكرة المائية ) على الارض بدلا من من الكرة الأرضية . كما أن الماء يكون حوالي( 60-70% من أجسام الأحياء الراقية بما فيها الانسان ، كما يكون حوالي 90% من أجسام الاحياء الدنيا ) وبالتالي فإن تلوث الماء يؤدي إلى حدوث أضرار بالغة ذو أخطار جسيمة بالكائنات الحية ، ويخل بالتوازن البيئي الذي لن يكون له معنى ولن تكون له قيمة إذا ما فسدت خواص المكون الرئيسي له وهو الماء .
مصادر تلوث الماء:-
يتلوث الماء بكل مايفسد خواصه أو يغير من طبيعته ، والمقصود بتلوث الماء هو تدنس مجاري الماء والأبار والانهار والبحار والامطار والمياه الجوفية مما يجعل ماءها غير صالح للإنسان أو الحيوان أو النباتات أو الكائنات التي تعيش في البحار والمحيطات ، ويتلوث الماء عن طريق المخلفات الإنسانية والنباتية والحيوانية والصناعية التي تلقي فيه أو تصب في فروعه ، كما تتلوث المياه الجوفية نتيجة لتسرب مياه المجاري إليها بما فيها من بكتريا وصبغات كيميائية ملوثة ، ومن أهم ملوثات الماء ما يلي :
1. مياه المطر الملوثه:-
تتلوث مياه الأمطار – خاصة في المناطق الصناعية لأنها تجمع أثناء سقوطها من السماء كل الملوثات الموجودة بالهواء ، والتي من أشهرها أكاسيد النتروجين وأكاسيد الكبريت وذرات التراب ، ومن الجدير بالذكر أن تلوث مياه الامطار ظاهرة جديدة استحدثت مع انتشار التصنيع ، وإلقاء كميات كبيرة من المخلفات والغازات والاتربة في الهواء أو الماء ، وفي الماضي لم تعرف البشرية هذا النوع من التلوث ، وأنى لها هذا ؟
ولقد كان من فضل الله على عباده ورحمه ولطفه بهم أن يكون ماء المطر الذي يتساقط من السماء ، ينزل خالياً من الشوائب ، وأن يكون في غاية النقاء والصفاء والطهارة عند بدء تكوينه ، ويظل الماء طاهراً إلى أن يصل إلى سطح الارض ، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز مؤكداً ذلك قبل أن يتأكد منه العلم الحديث : ( وهو الذي أرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) الفرقان 48.
وقال أيضا : ( إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجس الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام ) الانفال 11
وإذا كان ماء المطر نقيا عند بدء تكوينه فإن دوام الحال من المحال ، هكذا قال الإنسان وهكذا هو يصنع ، لقد امتلئ الهواء بالكثير من الملوثات الصلبة والغازية التي نفثتها مداخن المصانع ومحركات الآلات والسيارات ، وهذه الملوثات تذوب مع مياه الأمطار وتتساقط مع الثلوج فتمتصها التربة لتضيف بذلك كماً جديداً من الملوثات إلى ذلك الموجود بالتربة ، ويمتص النبات هذه السموم في جميع أجزائه ، فإذا تناول الإنسان أو الحيوان هذه النباتات ادى ذلك الى التسمم ( ليذيقهم بعض الذي علموا لعلهم يرجعون ) الروم 41
كما أن سقوط ماء المطر الملوث فوق المسطحات المائية كالمحيطات والبحار والانهار والبحيرات يؤدي إلى تلوث هذه المسطحات وإلى تسمم الكائنات البحرية والأسماك الموجودة بها ، وينتقل السم إلى الانسان إذا تناول هذه الأسماك الملوثة ، كما تموت الطيور البحرية التي تعتمد في غذائها على الاسماك .
إنه انتحار شامل وبطيء يصنعه البعض من بني البشر ، والباقي في غفلة عما يحدث حوله ، حتى إذا وصل إليه تيار التلوث أفاق وانتبه ن ولكن بعد أن يكون قد فاته الأوان .
2. مياه المجاري:
وهي تتلوث بالصابون والمنظفات الصناعية وبعض أنواع البكتريا والميكروبات الضارة ، وعندما تنتقل مياه المجاري إلى الأنهار والبحيرات فإنها تؤدي إلى تلوثا هي الأخرى .
3. المخلفات الصناعية:-
وهي تشمل مخلفات المصانع الغذائية والكيمائية والألياف الصناعية والتي تؤدي إلى تلوث الماء بالدهون والبكتريا والدماء والاحماض والقلويات والأصباغ والنفط ومركبات البترول والكيماويات والأملاح السامة كأملاح الزئبق والزرنيخ ، وأملاح المعادن الثقيلة كالرصاص والكادميوم .
4. المفاعلات النووية:-
وهي تسبب تلوثً حرارياً للماء مما يؤثر تأثيراً ضاراً على البيئة وعلى حياتها ، مع احتمال حدوث تلوث إشعاعي لأجيال لاحقة من الإنسان وبقية حياتها مع احتمال حدوث تلوث إشعاعي لأجيال لاحقة من الإنسان وبقية الكائنات .
5. المبيدات الحشرية:
والتي ترش على المحاصيل الزراعية أو التي تستخدم في إزالة الأعشاب الضارة ، فينساب بعضها مع مياه الصرف المصارف ، كذلك تتلوث مياه الترع والقنوات التي تغسل فيها معدات الرش وآلاته ، ويؤدي ذلك إلى قتل الأسماك والكائنات البحرية كما يؤدي إلى نفوق الماشية والحيوانات التي تشرب من مياه الترع والقنوات الملوثة بهذه المبيدات ، ولعل المأساة التي حدثت في العراق عامي 1971 –1972م أو ضح دليل على ذلك حين تم استخدام نوع من المبيدات الحشرية المحتوية على الزئبق مما أدي إلى دخول حوالي 6000شخص إلى المستشفيات ، ومات منهم 500.
6. التلوث الناتج عن تسرب البترول إلى البحار المحيطات:
وهو إما نتيجة لحوادث غرق الناقلات التي تتكرر سنوياً ، وإما نتيجة لقيام هذه الناقلات بعمليات التنظيف وغسل خزاناتها وإلقاء مياه الغسل الملوثة في عرض البحر .
ومن أسباب تلوث مياه البحار أيضاً بزيت البترول تدفقه أثناء عمليات البحث والتنقيب عنه ، كما حدث في شواطئ كاليفورنيااا بالولايات المتحدة الأمريكية في نهاية الستينيات ، وتكون نتيجة لذلك بقعة زيت كبيرة الحجم قدر طولها بثمانمائة ميل على مياه المحيط الهادي ، وأدى ذلك إلى موت أعداد لا تحصى من طيور البحر ومن الدرافيل والأسماك والكائنات البحرية نتيجة للتلوث.
ترشيد استهلاك المياه
•تستخدم مصانع الأسمدة كميات كبيرة من المياه لأغراض التبريد لذا يعد تدوير الماء المبرد عن طريق أبراج التبريد بعد وسيلة جيدة للمحافظة على الماء.
•تركيب أجهزة قياس مستوى ومعدلات المياه للماء وراقب استهلاك المياه .
•استخدام صنبور أوتوماتيكى الإغلاق ومراقبة الصمامات اليدوية التشغيل، وبالتالى يصبح من السهل التعرف على أوضاع الفتح والإغلاق وتوجيه السريان.
•تركيب أجهزة التحكم فى مستوى السائل ذات نقاط إيقاف المضخات أوتوماتيكياً متى صار من المرجح حدوث فيض.
•إصلاح التسريبات.
•تداول المخلفات الصلبة وهى جافة.
•تدوير البخار المتكاثف.
العمل على ترشيد استعمال المياه
المحافظة على الثروات الحيوانية والنباتية:
تنوع الأخطار البيئية المهددة للوجود البشري
ظهرت في عصر التكنولوجيا والتطور الصناعي، أخطار كثيرة هددت التوازن البيئي في كوكب الأرض، وحاصرت الهواء والماء والحياة, ومن بينها التلوث بكافة أشكاله، وأيضا خطر ثقب طبقة الأوزون، الدرع الذي يحمي الحياة على الأرض من نفوذ الأشعة فوق البنفسجية، الواردة من الشمس عبر الغلاف الجوي، إلى سطح الأرض.
وهناك ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض، أو الاحتباس الحراري، نتيجة غازات الاحتراق الصناعي الدافئة، وما تسببه هذه الظاهرة من أثر سلبي على الحياة, وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات نتيجة ذوبان الثلوج في القطبين، فيتسبب في غمر بعض المدن والجزر.
وهناك ظاهرة التصحر نتيجة التوسع العمراني وقتل التلوث للحياة النباتية، حيث ينحسر الغطاء النباتي يوميا, كل هذا يشكل تحديا للإنسان ليعيد إلى البيئة حيويتها، بإزالة مظاهر التلوث وحصار الحياة بالتكنولوجيا المدمرة، التي لا تخضعها الدول الكبرى للرقابة.
ضحايا التلوث في العالم في ازدياد نتيجة الاستهتار بالبيئة، وقذف ملايين الأطنان من المواد الملوثة للجو بالغازات والأبخرة والغبار والدخان المنطلق من المداخن وعوادم السيارات, إضافة لتلوث المياه والتربة والمزروعات والمحاصيل، كما أن التلوث البحري بالناقلات الغارقة، أو بالسفن التي تنقل مواد كيماوية، قد ازداد كثيرا في الأعوام الأخيرة.
وقبل فترة قصيرة، ارتطمت ناقلة اندونيسية قرب سواحل ولاية (جوهور) الماليزية الجنوبية، ما أدى إلى تسرب (600) طن من مادة الفينول الكيميائية السامة، حيث قضت هذه المادة على آلاف الأسماك والحيوانات البحرية في المنطقة.
وقد طالب الصيادون في (جوهور)، بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بأكثر من (85) مزرعة لتربية الأسماك, رغم أن وزارة البيئة الماليزية قد وضعت عوالق مائية لتطويق المادة المتسربة بالقرب من مضيق (تبراو) الذي يفصل بين سنغافورة وماليزيا.. علما أن تلك العوالق لا يمكنها أن تنجح في امتصاص مادة ( الفينول) السامة.