· قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (منعت العراق درهمها و قفيزها و منعت الشام مدها و دينارها و منعت مصر أردبها و دينارها وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم)
ان منع البلدان التي عددها رسول الله في الحديث لخيراتها ما هو ناتج الا عن الذل و الخنوع و إتباع الغرب و الجري للشرب من مشاربهم و العمل كأعمالهم في الجاهلية القديمة كانت مصر و سوريا و العراق تحت حكم فارس و الروم و كانت تلك الإمبراطوريتان تسلب خيرات تلك البلاد و تجبي ضرائبها و تستعبد شعوبها و اننا اليوم لا نختلف أبدا عن الماضي اننا اليوم في الجاهلية الحديثة فارس من جهة ( إيران ) و الروم من جهة ( أميركا ) تتشاحنان على خيرات هذي الدول و ما أهلها الا في جاهلية غبية يتابعون شهوات أنفسهم و يحكمون بأهوائهم .
نعم عدنا من حيث بدأنا : الجاهلية التي نحن فيها اليوم هي مشابهه للجاهلية القديمة و مغايرة بنفس الوقت فالجاهلية القديمة كانت بكل ما قرأنا عن شراستها إنما هي جاهلية ساذجة بسيطة لا تحمل التعقيدات الكبيرة و كانت واضحة المعالم أهل تلك الجاهلية كانوا على طرق واضحة أعلنوها و أفصحوا عنها للملأ و لم يخفوا وجهها حتى أنهم دافعوا عنها بوضوح أيضا أما ما نحن عليه اليوم فقد عدنا إلى الجاهلية إنما جاهلية حالكة كثيرة التعقيد نظمت صفوفها و كرست العقول العلمية العلمانية لرسم الطرق الخفية و دس السم بالعسل بطرق خطيرة و مخيفة عدا عن إيقاظ الغرائز و العمل على إغواء الناس بشهوات الحداثة التي باتت تحاربنا في عقر ديارنا .
ان الجاهلية الحديثة تحاربنا بطرق خفية فمن تجميد الناس امام الشاشات عدة ساعات في اليوم إلى خلط الدين بالحياة عن طريق سيل جارف من المبتدعين في الدين و قد أحدثوا فيه اختلاط بات يصعب معه على الإنسان العادي ان يصل إلى الحقيقة المنشودة .
الجاهلية اليوم تتوضح لنا بالكثير من الأمور فنراها جلية لا تخفى على عاقل و اني حين أقول جاهلية ما يزال الكثير من الناس لا يؤيدون هذه الكلمة على العصر الحالي .
فلم يقل القرآن أن العرب كانوا في " جاهلية " لأنهم لا يعرفون الفلك والطبيعة والكيمياء والطب .. أو لأنهم لا يعرفون النظم السياسية .. أو لأنهم قاصرون في ميدان الإنتاج المادي .. أو لأنهم خلوا من بعض الفضائل ، أو خلوا من " القيم " على الإطلاق !
ولو قال لهم ذلك لأعطاهم البديل من نفس النوع ! البديل من الجهل العلمي " معلومات " علمية فلكية وطبيعية وكيميائية وطبية .. إلخ ! والبديل من الجهل السياسي نظريات سياسية مدروسة مفصلة ! والبديل من القصور في الإنتاج المادي توجيهات لزيادة الإنتاج أو لتحسينه ! والبديل من نقص بعض الفضائل وبعض القيم مزيداً من هذه وتلك مطلقة من أي ارتباط .. !
ولكنه لم يقل لهم ذلك ، ولم يكن البديل الذي أعطاهم إياه شيئاً من ذلك كله .. إنما قال لهم إنهم جاهليون لأنهم يحكّمون أهواءهم ويرفضون حكم الله .. وأعطاهم البديل من الجاهلية .. الإسلام .
فذلك هو المقياس الذي يقيس به القرآن الحياة البشرية .. وهو المقابل للجاهلية ، سواء جاهلية العرب أو أية جاهلية غيرها في التاريخ